أثـر الملكيـة الفكريـة على حياتي اليوميـة:
· أضحى الاهتمامُ بالحمايةِ الفكريةِ مِن قِبَلِ أيِّ دولةٍ ؛ دليلٌ على مواكبةِ التطورِ والحداثَةِ وإقرارٌ للمجتمعِ المتمدن ؛ ولذلك كانت المناداةُ والاهتمامُ بتقنينِ القوانين في حمايةِ "الملكية الفكرية"؛ حتى أصبحَ الاهتمامُ بها يُعدُّ صِِنْوا لحقوقِِ الإنسان ؛ تُذْكَرُ حيثما ذكرتْ [4]، وقانون ـ حمايةِ الملكيةِ الفكريةِ ـ يَحْرِصُ أشدَّ الحرصِ على صَوْنِ الأصولِ العامةِ التي تَحمي الحقوق ؛ وذلك بوضعِ القواعِدِ الضابِطَةِ لاستنساخِ المصنفاتِ وما يَرتَبِطُ بها من مظاهرَ: كالأمانةِ العلميةِ ؛ واستهجانِ السرقاتِ الأدبيةِ ، ويَضَعُ القواعدَ والضوابِطَ التي تَحْكُمُ الملكيــةَ الفكريةَ للمحافظةِ على الإنتاجِ الفكري والابتكار الذهني عموماً ، وعندما يكونُ النظامُ والقانونُ هو الذي يَحكُمُ الجميعَ و ينظّمُ سلوكَ الإنسانِ في المجتمعِ في كافةِ العلاقات الماليةِ والمدنيـةِ وعلى رأسِها العلاقاتِ التي تُنظِّمُ حقوقَ الآخرِ
عندئذٍ يكون لها الآثارُ النافعةُ وهذه بعضٌ منها:
· عندما أُؤلِفُ أو ابْتَكِرُ أكونُ ـ وأنا محميَّ الحقوقِ ـ مُصانـاً في إنتاجي وابتكاري وما يترتبُ وينتجُ عنه من أموالٍ في حياتي اليوميةِ.
· في ظلِّ هذا النظامِ والقانونِ ـ وأنا محميّ الحقوقِ ـ لا يكونُ من قِبَلي تقاعسًا ـ أكون عالماً أو مفكراً ـ في مواجهةِ الحضارةِ الغربية بمخترعَاتِهِا ومُبْتَكرَاتِهِا وقوانِينِها لأنَّ حمايةَ الملكيةِ الفكريةِ تُنَظِّمُ وتَحمي هذه المخترعاتِ المُنْتَجَة من قِبَلي وتحميها .
· لها أثرٌ بالغُ الأهميةِ وهو تقديرٌ واحترامٌ لحقِّي كمُبتَكِـرٍ للأمورِ المُحدَثةِ التي لم يَقَعْ قبلَها أو لم يَسبِقْ سابقٌ في إنتاجِها في سائرِ المجالات .
· في مجالِ الابتكارِ الذهني أكَدَ وحَمَى القانونُ ونبَّهَ على أهميةِ الابتكارِ بالنسبةِ للمؤلِفِ [5] باعتبارِه شرطًا أساسيًا للإبداعِ الذهني الذي يجبُ تَوَفُرَهُ في العالِم.
· في مجالِ الحث على العلْمِ والانتفاعِ بِهِ ؛ نَظَرَ قانونُ الملكيةِ الفكريةِ إلى المؤلِفِ أو المُبْتَكِرِ نَظْرَةَ تقديرٍ وإجلالٍ فأصْبَغَ عليِهِ لفظ (المؤلِف والمبتكِر ومخترِع ....)
· فيما يتصلُ بتطورِ الحياةِ تركت الملكيةُ الفكرية مجالاً رحبــًا وواسعـاً للعقلِ البشريِّ كي يتحركَ في دائرةِ السنن الكونيةِ والاجتماعيةِ متأمِـلاً ومُنتِجـاً ومُبتَكِـراً.
· في سبيلِ تحريكِ وتفعيلِ الفِكْرِ ساهمت الملكيةُ الفكريةُ على الاجتهادِ عملاً صحيحًا ومحببًا في حالةِ حمايتِهِ وصِوْنِهِ؛ حيثُ يَنْشَطُُ التأليفُ والابتكارُ من شِعْرٍ وكتابةٍ ونَسْخٍ وإنتاجٍ فكريٍّ وعلميٍّ، فهي عمليةٌ متلازمةٌ لانتشارِ الكتابِ والتأليفِ [6].
· بحمايةِ هذه الحقوقِ أصبحَ المؤلِفُ والمبتَكِرُ فئة لها شأنٌ تؤثرُ– بلا شكٍّ – إيجاباً في نشرِ العلمِ والتأليفِ وظهورِ ابتكاراتهم؛ لأنَّها مصونةٌ ـ بحمايتها ـ من العبثِ والضياعِ والتحريفِ والسرقةِ[7]. فبحمايتِها تتحققُ مصلحةٌ عمليةٌ وشرعيةٌ لصاحبِهِا ومنتجِها وناشرها ومسوِّقها. وأيضًا تكونُ هناك حماية للمجتمعِ بنشرِ وابتكارِ ما ينفعُ النَّاسَ؛ وذلك يتحققُ بالدرجةِ الأولى بتوفيرِ الحمايةِ الفكريةِ للمؤلِفِ أو المبتكِرِ.
· بالنسبةِ للآثارِ المترتبةِ على حقِّ المؤلَِِف بَعْدَ ثبوتِهِ لصاحبِهِ تتمثلُ في أمريْنِ هما:
الأمرِ الأول: هو استيفاءُ الحقِّ إذ لصاحبِ الحقِّ – وهو المؤلِف – أن يستوفىَ حقَّهُ بكلِّ الوسائلِ المشروعةِ، بل ولورثتِهِ الحقّ في ذلك أيضا، والأصلُ في استيفاءِ الحقِّ أن يكونَ بالعدلِ المتمثلِ في مراعاةِ المصلحةِ العامةِ وان يتحاكم فيه الخصوم إلى قانون، وهذا ما حققتهُ الحماية الفكرية .
والأمرِ الثاني: هو حمايةُ الحقِّ حيث تُقررُ القوانينَ حماية حقِّ المؤلِفِ من أيِّ اعتداءٍ بأنواعٍ مختلفةٍ من وسائلَ الحمايةِ منها: المسؤوليةِ المدنية، والمسؤوليةِ الجنائية، ومِنْ قَبْلِها المسؤوليةِ أمامَ اللهِ الممثلةِ في الوازعِ الديني والصدقِ والوفاءِ.
· وهكذا تحمي قوانين الملكية الفكرية كلَّ أنواعِ الحقوقِ الدينيةِ والمدنيةِ الخاصةِ والعامةِ لحقِّ المؤلِفِ باحترامِ حَقِّهِ؛ وعدمِ الاعتداءِ عليهِ وبمعاقبةِ المعتدي. وكذلك تحمي هذا الحقَّ ذا الطبيعةِ الخاصةِ وذلك بحماية المظاهر الأدبية، الأمرَ الذي يَضْمنُ استمرارَ التوافقَ بين شخصيةِ المؤلِفِ وبيْنَ أثرِ إنتاجِهِ فكرياً ومالياً وأدبياً.